عادة ما تُباع السيارات الكهربائية الجديدة بأسعار أعلى بآلاف الدولارات مقارنة بالطرز المماثلة التي تعمل بالبنزين. لكن عددا متزايدا من المتسوقين يكتشفون أن العكس صحيح غالبا بالنسبة للسيارات المستعملة.
وحسب ما أوردته صحيفة نيويورك تايمز، فإن مبيعات السيارات الكهربائية المستعملة ارتفعت بنسبة 40% يوليو/تموز الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مما يعكس تغيرا جوهريا في أنماط الشراء وتوجهات السوق.
ويعزز هذا التحول خليط من العوامل، بدءا من تطور تكنولوجيا البطاريات وانخفاض أسعار الطرز الجديدة، وصولا إلى الحوافز الضريبية التي أتاحتها الإدارة السابقة لمساعدة المستهلكين على التحول نحو خيارات أكثر استدامة.
أسعار مغرية وصفقات لافتة
وتروي الصحيفة تجربة المعلمة المتقاعدة كيه بويل (80 عاما)، إذ اشترت سيارة نيسان مستعملة من طراز “ليف” (إنتاج 2013) عبر منصة “كريغزليست” بمبلغ ألف دولار فقط بعد احتساب خصم من شركة الكهرباء المحلية. وتقول بويل: “كنت متوترة في البداية… لكني أحببت هذه السيارة الصغيرة”.
ويعكس هذا التوجه انخفاضا سريعا في قيمة السيارات الكهربائية، إذ إن التطور المتلاحق في تكنولوجيا البطاريات جعل الطرز القديمة أقل جاذبية، حيث باتت السيارات الحديثة قادرة على قطع نحو 482 كيلومترا بالشحنة الواحدة مقابل 321 كيلومترا فقط قبل أعوام قليلة.
الحوافز الضريبية وإعادة تشكيل السوق
من أبرز المحفزات، الحافز الضريبي البالغ 4 آلاف دولار، الذي يُطبق على السيارات الكهربائية المستعملة التي يقل سعرها عن 25 ألف دولار. وقد دفع هذا الحافز كثيرا من المستهلكين إلى الإسراع بالشراء قبل انتهاء العمل به في نهاية سبتمبر/أيلول بموجب قانون وقعه الرئيس دونالد ترامب.
أما مارتن فليشمان -وهو مستشار أعمال من أتلانتا- فاستغل الفرصة لشراء سيارة تسلا طراز 3 (إنتاج 2019) مقابل 14 ألف دولار فقط بعد الحافز، رغم اعتراضه على مواقف إيلون ماسك السياسية، قائلا: “لم أرها كتصريح سياسي… بل كصفقة رائعة”.
تجارب متنوعة ودوافع مختلفة
وتنوّعت دوافع المشترين ما بين الرغبة في التوفير والالتزام البيئي. إذ أكدت هولتسهاوس من كليفلاند، التي تعمل في مجال الحفاظ على البيئة، أنها اشترت سيارة “كيا إي في 6” مستعملة بدافع شخصي لمواجهة التغير المناخي: “كنت أريد أن أكون جزءا من الحل، لا جزءا من المشكلة”.
أما في مينيسوتا، فقد استخدمت فيلاسكيز إيبرهارت سيارة “شيفروليه بولت” مستعملة في إدارة نشاطها العائلي، موضحة أنها لم تنفق أي مبلغ على الوقود منذ عامين. في المقابل، رأى جيمس فلين من مينيسوتا أن الاستعاضة عن شاحنته “فورد إف-150” بسيارة “نيسان ليف” مستعملة ساعده على تغطية أقساطه الشهرية من وفورات الوقود.
تحولات أعمق في السوق
وأشار خبراء إلى أن السيارات الكهربائية المستعملة بدأت تسحب البساط من الطرز الجديدة. وقال توم نارايان، المحلل لدى “آر بي سي كابيتال ماركتس” إن “العامل الأول في قرارات الشراء هو السعر… ليس القلق من المسافة ولا الحروب الثقافية”. ومع وصول المركبات الكهربائية الجديدة إلى التكافؤ السعري مع سيارات البنزين بنهاية هذا العقد، يتوقع أن تتسع قاعدة المشترين، ويصبح معيار الاختيار قائما على الجودة والملاءمة أكثر من مجرد السعر.
وحسب نيويورك تايمز، فإن السيارات الكهربائية المستعملة باتت تمثل مرحلة انتقالية مهمة، حيث تكسر الحواجز التقليدية بين فئة “الرواد البيئيين” والمستهلكين العاديين الباحثين عن خيارات عملية واقتصادية. وبينما يهدد هذا التوسع مبيعات الطرز الجديدة، فإنه يرسخ في المقابل قاعدة أوسع لتحول سوق السيارات الأميركية نحو مستقبل أقل اعتمادا على الوقود الأحفوري.